قبلة للسائحين المسيحيين والمسلمين علي السواء
أبرزها الكنيسة المعلقة ودير سانت كاترين والمتحف القبطي
تحتضن مصر العديد من الآثار المسيحية التي تركتها العائلة المقدسة أثناء رحلتها داخل الأراضي المصرية هرباً من بطش الرومان في رحلة استمرت لأكثر من ثلاثين شهراً خلفت وراءها كنائس وأديرة ومقابر لها أهمية تاريخية كبيرة لأنها تعد حلقة وصل بين الفنون المصرية في العصرين الفرعوني واليوناني الروماني من جهة والعصر الإسلامي من جهة أخري هذه الآثار يقصددها السائحون المسيحيون والمسلمون علي السواء.
تنتشر الآثار القبطية في أنحاء مصر بالقاهرة وسيناء والواحات والفيوم وغيرها وإن كان أغلبها يقع في منطقة مصر القديمة عند حصن بابليون وتبلغ مساحته حوالي نصف كيلو متر مربع وتم بناؤه للحماية العسكرية الرومانية ويقع بداخله ست كنائس قبطية أشهرها الكنيسة المعلقة التي يرتادها السائحون الأجانب والعرب سنوياً وتقع أعلي الحصن علي ارتفاع 13 متراً فوق سطح الارض ويرجع تاريخ إنشائها للقرن الخامس الميلادي وسبب شهرة الكنيسة نقل مقر الكرسي البابوي اليها من الأسكندرية في القرن الحادي عشر الميلادي علي يد البطريرك خرستود لوس واستمر الكرسي بها حوالي قرنين من الزمان.. والكنيسة المعلقة تعد من أقدم كنائس مصر وكانت في الأصل معبداً فرعونياً ثم تحولت الي كنيسة تقام فيها الشعائر الدينية حتي اليوم بانتظام.
وللكنيسة المعلقة أهمية أثرية خاصة انها تحتوي علي 120 أيقونة موزعة علي جدرانها وتحتوي بداخلها علي كنيسة أخري يصعد اليها بسلم خشبي وهي كنيسة مار مرقص وتعتبر الكنيسة أحد أهم آثار مجمع الأديان وتمت بها الكثير من عمليات الترميم التي بدأت عام 1984.
كما يضم الحصن كنيسة مارجرجس التي شيدها الكاتب أثيناسيوس عام 684 ميلادية ولكنها تعرضت لحريق منذ ثمانين عاماً ولم يبق منها الا قاعة استقبال بخارجها وتتزين بنقوش بارزة من الجبس وعلي سقفها رسوم ملونة وبجوار كنيسة مارجرجس تقع كنيسة أبي سرجة التي أنشئت في أواخر القرن الرابع الميلادي في نفس المكان الذي أقامت به العائلة المقدسة وتعود أهميتها الي اعتبارها أول كنيسة في مصر يقيم فيها البطاركة القداس بعد تكريزهم في الأسكندرية وقد تهدمت هذه الكنيسة في القرن العاشر الميلادي وأعيد بناؤها مرة ثانية في العصر الفاطمي.
وفي زقاق بني حصين توجد كنيسة السيدة العذراء التي يعود إنشاؤها الي عام 865 ميلادية والتي يغطي صحنها وهياكلها قباب من الطوب مرتكز علي أعمدة رخامية أما دير البنات الراهبات الذي يقع في الجهة الشمالية من الحصن يعد من المواضع الدينية التي لها أهميتها لدي المسيحيين حيث يترددون عليه للزيارة واستمداد الشفاء تبركاً بالشهيد صاحب الدير لاسيما المصابين بأمراض عصبية وعقلية.
من جانب آخر اختيرت أسوار حصن بابليون الشهير موقعاً لبناء أول متحف قبطي بمصر ليملأ فجوة في سجلات الفن المصري ويساعد علي دراسة تاريخ المسيحية في مصر.
أسس المتحف القبطي مرقص سميكة عام 1910 علي مساحة تبلغ 8000 متر وقد تم تطويره بجناحيه القديم والجديد والكنيسة المعلقة وتم افتتاحه بعد ذلك عام 1998 ويبلغ عدد مقتنياته حوالي 16000 مقتني وقد رتبت مقتنيات المتحف تبعاً لنوعياتها الي اثني عشر قسماً ويتسم المتحف بطابع الفن القبطي الممزوج بالتقاليد المصرية القديمة والهلينسية والبيزنطية والإسلامية ويجمع بين المادة الأثرية اللازمة والوثائق التي تساعد في دراسة تاريخ مصر منذ بدايات ظهور المسيحية وحتي الآن.
ويضم المتحف كتاب مزامير داوود ولوحات القلالي التي يستخدمها الرهبان في الأديرة ومن أشهر مقتنيات المتحف ثلاث قطع من الأخشاب لها أهميتها القصوي في دراسة فن النحت فيما بين القرنين الرابع والسادس وهي باب كنيسة القديسة بربارة ومذبح كنيسة القديسين وعتبة كانت تزين أحد أبواب الكنيسة المعلقة.
وهناكقاعة لكنائس مصر وتضم أهم القطع في كل كنيسة في مصر القديمة مثل الكنيسة المعلقة وأبي سرجة وأبي مينا بجانب قطع من البرونز يظهر عليها الهلال وغصن الزيتون والصليب وهو يوحي بمدي روح الوحدة الوطنية في العصور القديمة وقد تحول شارع مارجرجس بمصر القديمة الي مدينة من المتاحف الضخمة تضم مجموعة من الكنائس الصغيرة بعضها مطعم بالذهب الخالص تبين انها مقابر تضم رفات بعض أثرياء مصر قاموا ببناء مقابرهم علي هيئة كنائس فخمة من بينهم يوسف عيروط بك الذي أسس كنيسة تعلوها قبة سداسية الشكل ثم يعلو القبة صليب نحاسي وقد بنيت هذه الكنيسة عام 1894 وتضم تمثالاً لراهب كاثوليكي بالحجم الطبيعي وعند أحد أبواب الكنيسة يوجد القبر الذي يضم مذبحاً من الجرانيت الخالص تعلوه فازة فرنسية يتجاوز ثمنها نصف مليون جنيه وبجوارها شمعدانان نحاسيان.
كما تضم الكنائس الصغيرة مقبرة حنا زنانيري بك وهي عبارة عن لوح رخام كبير يعلوه صورة الزنانيري بك وتمثال لزوجته.. بالاضافة لوجود مقابر صيدناوي باشا صاحب محلات صيدناوي اليهودي الأصل والذي تحول الي المسيحية الكاثوليكية عند دخول الألمان مصر ليهرب من المحرقة أما قبره فيتكون من الجرانيت الأسود المطعم بالذهب وقبواً أثرياً به رسومات أثرية فوق المذبح.
وبعيداً عن القاهرة تعد سيناء منذ العصور المسيحية أحد أهم مناطق الجذب للرهبان المسيحيين.. وقد أقام هؤلاء الرهبان العديد من الأديرة والكنائس في أودية سيناء ومن أشهرها دير سانت كاترين الذي يقع أسفل جبل سيناء ويعد الدير أشهر مزار سياحي في سيناء حيث تقصده أفواج سياحية من جميع بقاع العالم ويدر دخلاً حوالي 10 ملايين جنيه سنوياً.
وقد بني الدير في القرن السادس الميلادي ومازال من أعظم الآثار المسيحية في مصر والعالم.. وللدير سور عظيم يحيط بعدة أبنية داخلية بعضها فوق بعض تصل أحياناً الي أربعة طوابق تخترقها ممرات ودهاليز معوجة.
ويعود بناؤه لأمر الإمبراطورة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين عام 432م، واكتمل بناؤه في عهد الامبراطور جوسيتيان عام 545 ليكون معقلاً لرهبان سيناء وقد سمي في العصور التالية باسم دير القديسة كاترين .
ومن أهم مباني الدير.. الكنيسة الكبري وهي من أقدم الآثار المسيحية داخل مصر وترجع الي القرن السادس الميلادي وبداخلها بني 12 عموداً تمثل شهور السنة وفي صدر الكنيسة يوجد الفسيفساء المسيحية الأشهر في العالم كله والمنظر الرئيسي فيها يمثل السيد المسيح في الوسط وعلي يمينه العذراء وعلي يساره موسي وتتدلي الثريات الثمينة من سقفها، كما تعرض الكنيسة نحو 2000 أيقونة نادرة المثيل صنعت في القرن السادس.
ويرجع الكثير شهرة دير سانت كاترين الي مكتبته الغنية بالمخطوطات وتقع في بناء قديم جنوب الكنيسة الكبري وتضم المكتبة عدداً من الوثائق والفرمانات التي أعطاها الخلفاء والحكام للدير.. أشهرها ما يقال بأنه وثيقة من الرسول محمد عليه الصلاة والسلام يعطي فيها الأمان للدير والرهبان، ويبلغ عدد مخطوطات المكتبة نحو 6000 مخطوط نادر.
وفي أعلي جبل موسي يوجد كنيسة صغيرة يصعد اليها الزائرون وعلي مقربة منها مسجد صغير.
من ناحية أخري تزخر مدينة الفيوم بالعديد من الكنائس والأديرة الأثرية التي يرجع إنشاؤها الي العصر الروماني أشهرها دير العزب او السيدة العذراء مريم ويضم الدير كنيسة قديمة وأخري حديثة ومزارا للأنبا أبرام ومتحفاً.
أما دير رئيس الملائكة فيرجع الي القرن الثالث الميلادي وقد بدأت حياة الرهبنة في هذا الدير في القرن الرابع حتي القرن ال 19.
كما تجددت الآثار القبطية بصعيد مصر علي مراحل زمنية مختلفة من القرون الأولي للمسيحية وأهم الآثار الباقية حتي الآن بالصعيد دير الأنبا أمونيوس المعروف بدير الشهداء ويعتبر هذا الدير من الأديرة المهمة القائمة بالصعيد نظراً لوجود ثروة زخرفية مهمة من زخارف الفرسكو القديمة، ويعد المغطس أحد أهم المعالم الأثرية القبطية بالصعيد.
وبالصحراء الغربية يوجد مغارات الرهبان وترجع هذه المغارات الي العصر الأول للرهبان المتوحدين بالصعيد.
وداخل أحد جبال الصحراء الغربية يوجد كنيستان أثريتان الأولي تقع في الناحية القبلية وتسمي باسم كنيسة العذراء الطاهرة مريم ويرجع تاريخها الي القرن الرابع الميلادي.
أما الكنيسة الثانية فتحمل اسم الأمير تاوضروس المشرقي تقع علي بعد 20 متراً من كنيسة العذراء مريم.. وبها مذبح مصنوع من الخشب ويوجد تحته سرداب لتخبئة الذبيحة أثناء الاضطهاد.
الآثار القبطية في مصر.. قبلة للسائحين المسيحيين والمسلمين علي السواء
-